Header Ads

اعلان

ثلاث منجيات من الفتن والأزمات..... خونه / إسلمو



انقضت ثلاث سنوات وثلاث أشهر من مأمورية ولد الغزواني الضابط الذي دشن به عرابه الرئيس السابق السيد محمد ولد عبد العزيز عهد التناوب العسكري السلمي على السلطة مجسدا  بذلك رؤية استراتيجية متبصرة لنقل السلطة بشكل سلس من العسكر المهيمنين عليها منذ عقود إلى المدنيين الذين مازلت تعييهم الحيلة للوصول إليها حيث أراد ولد عبد العزيز أن تكون مأموريات ولد الغزواني بمثابة فترة انتقالية هادئة لترتيب تسليم السلطة الأيادي مدنية مؤتمنة، لكن أعاصير هائجة وفيضات جارفة تدفقت مياهها اللأسنة تحت جسر العبور ذلك حتى أوشك على الانهيار وحتى لا أتيه بك أيها القارئ الكريم في دروب السياسة المتشعبة ومسترشدا ببيت الإمام الشافعي، وعين الرضى عن كل عيب كليلة ... ولكن عين السخط تبدي المساويا.

سأترك لك مهمة تقييم أداء ولد الغزواني في مواجهة الأزمات التي مرت بها البلاد والتحديات التي تواجهها اقتصاد وسياسيا واجتماعيا وكذلك ردة فعل حكوماته المتعاقبة وطريقة تسييرها للمال العام وحصيلة ما أنجزته من مشاريع وبرامج وجرد غنائمها في الحرب على الفساد كل ذلك سيتيح لك إدراك كم نحن بحاجة إلى هذه الثلاث المنجيات لنا وللوطن من الأهوال والأخطار الكامنة فماهي إذن:

أولا: إنهاء ملف الرئيس السابق بقوة الدستور ولصالح القانون وباسم العدالة، فقد تم على مدار عامين إهدار الوقت والجهد وتوجيه اهتمام الدولة والمجتمع نحو قضية تم افترائها بدافع الحقد والانتقام السياسي وتم فيها استغلال النفوذ المالي والسلطوي لانتهاك الدستور والتعدي على حصانة رئيس السابق وتقييد حريته واستخدام سلطة الدولة ضده في مخالفة صريحة للقانون وتنافي تام مع القيم والمبادئ السامية للدولة ونكوصا بالعهد والشرف.

 إن سبيل خلاص الوطن من هذا الهدر والظلم والسير عكس اتجاه الحق والعدل يتطلب من سلطات الدولة الثلاث كل في حيز اختصاصه السعي لوضع حدا لهذه الفتنة المفتعلة وتحصين الوطن منها حاضرا ومستقبلا فإما يفصل القضاء ويقضي بالعدل وينطق بالحق أو أن يسارع الجهاز التنفيذي ممثلا في شخص من يفترض أن من أوجب واجباته حماية الدستور  إلى استشارة المجلس الدستوري الذي لو قال كلمته في هذا الملف لقطع دابر المتآمرين على الدستور والدولة والنظام الجمهوري والسيادة الوطنية.

ثانيا: إن حاجتنا إلى تنظيم انتخابات نزيهة وشفافة تعادل حاجتنا للأمن والاستقرار في حضن وطن واحد جامع، فالانتخابات المقبلة هي بمثابة استفتاء على مستقبل موريتانيا هل نريدها دولة ديمقراطية موحدة أم دولة "كل أكْرين ؤكَدْحو" فالموريتانيون وخصوصا الشباب يتنازعهم من جهة الأمل في وطن العدالة الاجتماعية والفرص المتكافئة والتوزيع العادل للثروة ومن جهة أخرى اليأس والإحباط بسبب سيادة الزبونية والمحسوبية والفساد العابر للأنظمة والأجيال وسيطرة تحالف نخب المصالح الشخصية وبقايا الأنظمة الفاسدة المتصدرين للأحلاف القبلية يوجهونها خدمة لمصالحهم الضيقة يبتزون بها الدولة ويخضعون بها المجتمع .

إن الدولة في هذا الظرف الحساس على جميع الأصعدة مسؤولة مسؤولية كاملة عن الإبقاء على جذوة الأمل متقدة في نفوس الشباب المندفع نحو التغيير  الناقم على سوء أحواله وأوضاع البلاد المزرية بلاد زاخرة بالثروات الطبيعية محرومة من الرفاه.

إن الديمقراطية التي انطلق قطارها بعد المصادقة على دستور يوليو 1991 هي الحل لمشاكل موريتانيا السياسة  بشرط أن تكون ديمقراطية لا تقصي أي رأي ولا أي طرف وطني فموريتانيا بحاجة لجميع أبنائها وهذا عكس ما تتبناه الحكومة الحالية ممثلة في وزارة الداخلية التي تتجاوزت صلاحيتها القانونية المحصورة في سلطة تقديرية فيما يتعلق برفض أي مشروع حزب سياسي ترى فيه خطر على سيادة الدولة وبلغ بها التغول  فرض رأيها المخالف للقانون حيث تصر على تجميد ترخيص الأحزاب دون مسوغ قانوني أو منطقي ما راكم الملفات المعلقة لدى إدرة الحريات العامة التي تحولت إلى إدارة الحريات العامة مع وقف التنفيذ كل ذلك طبقا الأجندة انتخابية ولصالح حزب سياسي يتغمص بكل وقاحة شخصية الدولة ما يناقض مهام الدولة التي تصلح فقط لتكون الحارس الأول للقانون أو حكما توافقيا بين الأطراف السياسية وليس خصما أو متمالأ ضد أو مع أحد تلك الأطراف.

إن قرار وزير الداخلية التعسفي بمنع ترخيص الأحزاب السياسية يعد مخالفة صريحة للقانون وإلحاق للضرر بالحياة السياسية وإقصاء شامل لمشاريع سياسية واعدة ووأد لطموحات الشباب التواق إلى المساهمة في بناء حاضر ومستقبل موريتانيا فكيف إذا نتوقع أن تكون الانتخابات القادمة نزيهة وشفافة والحكومة التي تجسد إرادة الدولة تصر وعن سوء نية على ابعاد طيف كبير من المهتمين بالشأن العام عن المشاركة بحرمانهم من التنظيم والانخراط في أحزاب سياسية مرخصة.

ثالثا: يعتبر تشكيل حكومة محايدة انتخابيا قبل الانتخابات وحكومة وطنية موسعة بعدها ضرورتين ملحتين فأي انتخابات نزيهة وشفافة ستفرز دون شك طبقة سياسية وطنية جديدة وتحيل الجيل الثاني الذي خلف جيل الاستقلال للتقاعد المريح بعد أن أمضى عمرين وظيفيين الأول إداري والثاني سياسي وبات على وشك أن يقود البلاد وهو في خريف العمر إلى المجهول، وموريتانيا بحكم ما تواجهه من تحديات داخلية وخارجية بحاجة ماسة للتغيير الهادئ المدروس وليس تجربة المجرب الانقلابات والثورات التي هي ردات فعل قد لا تكون محمودة العواقب في مرحلة كالتي تمر بها بلادنا والجوار والعالم من حولنا، لكن من ناحية أخري لم تعد النسخ المعدلة من نظام حزب الشعب صالحة لهذا الزمان وهذه الظروف فحزب الدولة الذي حكم البلاد من الاستقلال حتى اليوم ظل يغير جلده واسمه حسب هوى رأس السلطة حتى ألت بنا الأحوال إلى أسوء نسخة منه حيث الأباء باتوا يورثون المناصب والمنافع للأبناء كما هو حال الحكومة وأجهزة الدولة وربما البرلمان القادم.

إن الحكومة المحايدة انتخابيا هي وحدها القادرة على مواكبة اللجنة المستقلة للانتخابات في مهمتها الحاسمة في تحديد مصير المسار الديمقراطي الذي كثيرا ما تعثر بعد كل انتخابات مشوبة تزوير إرادة الناخبين وتطلبت اعادته للسكة الصحيحة حركة تصحيحية تأتي دائما بغتة. 

إن تجنيب موريتانيا واقع الحال في بلدان الساحل التي فقدت أنظمتها المعزولة الشرعية الانتخابية قبل أن تفقد السلطة هو التحدي الأبرز الذي يتعين على نظام ولد الغزواني النجاح في تحقيقه من خلال التضحية بمن يخططون لتزوير الانتخابات لصالحه من خلال حصار الخصوم السياسيين واقصائهم في الاستحقاقات القادمة ولعل هذه فرصته الأخيرة لإنقاذ موريتانيا من وتهور وزراء التأزيم الثلاثة الذين يتنازعون الحظوة والنفوذ.

خونه / إسلمو

يتم التشغيل بواسطة Blogger.