قراءة تحليلية لتعديل حكومة ولد بلال / هام
يعتبر هذا التعديل استكمالا لسابقه الذي فرضه الصراع المحتدم بين جناح ولد لحويرثي الذي ركب موجة الأزمة المفتعلة بين الرئيس السابق السيد محمد ولد عبد العزيز وولد الغزواني وجناح الجنرالات الذين ضاقوا ذرعا بحرب ولد لحويرثي التمويهية العقيمة فالعسكر الراشدون لديهم اعتقاد أنهم فقدوا بسبب هذا الصراع رجلا قويا وسندا يعول عليه في الأزمات رغم أنهم ليسوا جميعا على قلب رجل واحد في مواقفهم الشخصية منه، غير أنهم متفقون على أن استهدافه هو استهداف لدورهم المحوري في الحكم ومحاولة تيارات اديولوجية معروفة الاستحواذ خلسة على السلطة من خلال تكريس واستغلال نفوذ بعض الشخصيات وعلاقتها الاجتماعية بولد الغزواني لتحويل فترة رئاسته إلى مرحلة انتقالية يتسلمون بعدها الحكم في موريتانيا.
لإحباط سيناريو ولد لحويرثي وحلفائه تحرك أهم ضباط المؤسسة العسكرية بشكل فعلي ضد هذا التوجه وحشدوا بسهولة انصارا لقضيتهم من داخل معسكرهم ونجحوا بعد جهد في اقناع ولد الغزواني بضرورة ومصيرية إزاحة ولد لحويرثي من منصب مدير الديوان حيث كان يلعب دوره المحوري في تنفيذ أجندة التيارين الذين يعتبر همزة الوصل بينهما حيث غادر مرغما إلى وزارة الداخلية حيث يعمل هناك على محاولة الانتقام ممن لعبوا دورا في ابعاده عن ولد الغزواني من خلال تأزيم الساحة السياسية لعرقلة مشروع خصومه، بعد ازاحة ولد لحويرثي كانت إزاحة الرئيس السابق للحزب ولد الطالب أعمر والوزير الأمين العام للرئاسة ولد أحمد الواقف مجرد مسألة وقت وجيز وقد تمت اليوم باستبداله بالدكتور مولاي ولد محمد لغظف رجل المؤسسة العسكرية الأول حيث ظل على توافق مع أبرز رموزها حتى مغادرة ولد عبد العزيز للسلطة فهو وزيرهم الأول عند الاطاحة بولد الشيخ عبد الله المنصب الذي خلف فيه ولد الواقف الذي تم ايداعه حينها السجن في اللقضية المعروفة شعبيا "بقضية مارو الخامر"، وها هو يخلفه اليوم في اجراء له أكثر من رمزية ودلالة.
إن التوصيف الحقيقيي لإنضمام ولد محمد لغظف اليوم إلى طاقم ولد الغزواني هو القول إنه حصل على المكافئة التي وعده بها الرئيس السابق السيد محمد ولد عبد العزيز والمرشح حينها ولد الغزواني وذلك مقابل سحب ترشحه الذي كان سيشكل عامل اعاقة لوصول ولد الغزواني للحكم في الشوط الأول على الأقل.
كما أن من أهم ما جاء به هذا التعديل الذي غلب عليه تبادل الحقائب وحمل فيه شخصين فقط لأول مرة لقب وزير هو عودة أدما بوكر سوكو لوزارة التهذيب فبعد أن عبث اصحاب الإديولوجيات بمقترح اصلاح المناهج التربوية وحولوه إلى غنيمة سياسية لم يكن هناك بد من البحث عن شخصية توافقية يعهد إليه بمحاولة إصلاح ما أفسده تسيس القانون التوجيهي للتعليم فوقع الاختيار على السيد سوكو المنحدر من قومية البولار التي يرفض معظم سياسييها ونخبها الثقافية ما يسمونه فرض التعريب فضلا عن شبابها في الداخل والخارج الذي يعد العدة لمقاومة ما يصفونه بمحاولة تهميشهم ثقافيا وعلميا بتالي سيكون من أبرز مهام سوكو في وزارة التهذيب ايجاد صيغة وطنية قابلة للتطبيق بخصوص القانون التوجيهي الذي يجوز وصفه بغير الناضج.
فهل سينجح سوكو الزاوي البولاري في ايقاف المسار العبثي الذي يريد اصحابه من خلاله تفجير أزمة عرقية في موريتانيا؟.
ختاما يمكن القول إن هذا التعديل جاء لأمرين الأول ترجيح كفة سيطرة المؤسسة العسكرية على القصر والثاني تصحيح أكبر خطأ وقعت فيه حكومة ولد بلال وهو تمرير قانون توجيهي للتعليم به عيوب كثيرة وفادحة.
أما باقية التعيينات فإنها لا تخرج عن الطابع المؤلوف منذ حكم ولد الطائع.
خونه ولد إسلمو / ملامح موريتانية