Header Ads

اعلان

قوات الأمن و الجيش في الدول المتخلفة هي قوات قمع وجدت لحماية النظام القائم

المبحث الثاني : علاقة الجيش بالشعب :

يشكل الشعب أحد أركان الدولة الثلاث و لذلك فإن من واجبات الجيش الأساسية في جميع البلدان واجب الدفاع عنه و حمايته ,كما أن الشعب هو المصدر الذي يمد الجيش بالموارد البشرية اللازمة, إذ أن جميع ضباط الجيش و جنوده سواءً كانوا متطوعين أم مجنّدين هم أبناء الشعب بمختلف فئاته و طبقاته و لذلك يفترض أن يدين الجيش بالولاء الأقوى للشعب بحكم انتمائه له هذا ما يفسر مقولة الجيش ملك الشعب في دلالة واضحة على التلاحم القوي بين الطرفين . فإذا ما تعرّض الشعب إلى ظلم أو وقع اعتداء على حقوقه المشروعة من قبل النظام الحاكم يفترض ألا يقف الجيش عائقاً أمام كل ما يساعد الشعب على تحقيق مطالبه, فالجيش الذي يقف ضد طموحات أبناء وطنه هو بلا شك جيش لا يملك الروح الوطنية و لا يمكن ان يؤتمن على البلاد بعد أن خان واجبه في حماية الشعب , فكل الجيوش التي وقفت في وجه شعوبها كان مصيرها الزوال مع أنظمتها البائدة .
بالمقابل ينظر الشعب إلى الجيش كرمز للتضحية و الشرف حيث يقدّم أفراده ارواحهم دفاعا عن البلاد و الشعب و هذا ما يكسبه احتراماً خاصاً عن باقي مؤسسات الدولة , لكن ما يحصل في الدول ذات الأنظمة الدكتاتورية أنه يجري إحاطة الجيش بهالة من القداسة و تثبيت هذه الصورة في ذهن المجتمع لتبرير كل ما يرتكبه من أخطاء و تجاوزات مما يفتح الباب أمام المزيد من التمادي و هذا ما يشكل تحديا أمام عملية التحول و بناء المؤسسات , ففي دولة المؤسسات لا يمكن تبرير الأخطاء مهما علا شأن مرتكبها فالجميع تحت سلطة القانون و الجيش ما هو إلا مؤسسة من مؤسسات الدولة لكنها تمارس مهام ذات معنى اسمى و هو ما يمنحها التعاطف الشعبي في البلاد , لكن يجب أن لا يصل الحال درجة اضفاء القداسة و التغاضي عن الأخطاء و التغافل عن المحاسبة لأنه سيؤدي الى تكريس الاستبداد و الطغيان في البلاد.
كذلك ينبغي أن تقف علاقة الجيش بالشعب ضمن حدود حمايته و الدفاع عنه من أي تهديدات أو أخطار قد يتعرض لها , دون أن يصل به الحال حكم البلاد , فالنظام العسكري غير مؤهل للحكم لأنه لا يستطيع الاستجابة للاحتياجات الشعبية المستمرة كونه لا يمتلك الادوات اللازمة للحكم ,فغالبا ما يتسم تعامله بالعنف و الاستبداد و هذا عائد إلى طبيعة المؤسسة العسكرية نفسها وقد قام الباحث فاينر عام 1991 بدراسة توصّل من خلالها أن أربع و ثلاثون من الحكومات العسكرية من أصل ستُ و ثلاثون مصنّفة على أنها مستبدّة و تفتقد للحريات المدنية الأساسية([15]) . كما أن الحكم العسكري لم يعد يحظى بالقبول الشعبي حتى في الدول النامية و خصوصا بعد الانفتاح على أنظمة الحكم الديمقراطي .فلا يمكن للجيوش الاستمرار في الحكم اعتمادًا على القبضة الأمنية لفترات زمنية طويلة، لأن الشعوب لا تستسلم مهما تصاعدت حدة القمع.
 المحامي السوري: محمد الحربلية
يتم التشغيل بواسطة Blogger.