G5 التجمع الذي فقد البوصلة بعد ولد عبد العزيز
حين كان الارهاب يضرب أطنابه في الصحاري ويبيض ويفقس ويزحف رويدا نحو الحدود التي تسلل عبرها في غفلة القيمين على الأمن القومي لشعوب الساحل المغلوبة على أمرها، لم تكن هنالك حينها قيادة تمتلك الإرادة بل فقط جيوش بلاعتاد ورجال بلا عقيدة عسكرية راسخة، وكانت تلك الفرصة السانحة للعناصر الإرهابية لتبدأ في جس نبض جاهزية جيشنا الوطني وقدرته على حماية الحوزة التربية، إذ لم يكن الجيش مستعدا لا من الناحية اللوجستية ولا من الناحية القتالية لتلك المعركة فالتخطيط الاستراتيجي كان غائبا تماما، ما سهل نجاح الإرهابين في تحقيق أهدافهم بسهولة ويسر ليبدأ قادتهم يعدون العدة لمرحلة جديدة هي التوغل والسيطرة على الأرض كما فعلوا لاحقا في في مناطق من بلدان الساحل، وكانت ردة فعل نظام العقيد ولد الطائع من المنظور العسكري خجولة ومرتبكة ولم تستطع سد فراغ كبير من إهدار الأموال والوقت ومما زاد الطين بلة أن الجبهة الداخلية كانت ممزقة بفعل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي فاقمها الفساد، فلم يكن هنالك بد من الإطاحة بنظام ولد الطائع، والقاعدة السياسية تقول إنه إذا لم يعد لدى القائد أو الرئيس ما يقدمه فإنه من واجب عليه أن يستجمع قواه وما لديه من شجاعة ليتخذ قرار التنحي عن المنصب وإفساح المجال لمن يخلفه من أجل إصلاح أوضاع البلاد والعباد وإلا فإن على الرجال الذين يهمهم مصير وطنهم وشعبهم أن يتحملوا مسؤولياتهم الوطنية والتاريخية المقدسة ويأخذوا زمام المبادرة بتنحية أي نظام صار ضره أكبر من نفعه ووجوده خطر على وجود الدولة وهي المهمة التي لم يتأخر عنها قادة المجلس الأعلى للدولة مجتمعين وبالخصوص من أمن منهم بالفكرة ودعى لها زملاءه وخطط ونفذ بإخلاص للوطن ونكران للذات الرئيس السيد محمد ولد عبد العزيز، الذي قيضه الله للعب دور المنقذ للوطن بعد أن سيطر جيل الفساد وبطانة السوء كما هو الحال اليوم على الرئيس المنتخب وانهمك الجميع في النهب والإفساد.
لقد شكل وصول السيد محمد ولد عبد العزيز للسلطة إعلان ميلاد الدولة الوطنية التي بنت مشروعها الوطني على ثلاثة أسس هي خدمة الشعب وتعزيز الأمن والحفاظ على السيادة فبدأت الحرب على جبهتين داخلية ضد الفساد وعلى الحدود ضد الإرهاب وفي الأخيرة تم تشخيص مواطن الخلل ووضع تصور للحلول ورصدت الميزانية الضرورية لتحديث وتطوير منظومة التسليح وشرع في تنفيذ استراتيجية دفاعية وطنية هدفت إلى بناء جيش وطني قادر على أداء واجباته ومهامه على أحسن مايرام، شملت رفع كفاءة الوحدات القتالية وتجهيزها والاعتماد على خطة اكتتاب وتدريب موسعة ومنتظمة ولا مركزية ناجعة وكذلك تحسين الظروف المعيشية وزيادة الرواتب واستحداث ومضاعفة العلاوات والتحفيزات واعادة هيكلة شاملة للجيش واستحداث واحدات عسكرية متخصصة واعادة توزيع وانتشار قوات الجيش البري وبناء بنية تحتية مناسبة للجيش الجوي وتطوير أسطوله وتدعيمه بطائرات مقاتلة وأخرى للنقل والرصد وعناية خاصة بالقوات البحرية كل ذلك وأكثر لتحقيق هدف القضاء على التهديد الإرهابي وبسط سيطرة وسيادة الدولة الموريتانية على جميع ترابنا الوطني الذي كانت نسبة تقارب 30% منه خارج سيطرة الدولة ومجال مفتوح تستغله عصابات الإرهاب والتهريب لممارسة أنشطتها التخريبية بكل حرية ودون أي مضايقة.
لقد كان للإستراتيجية الدفاعية الناجعة التي رسمها الرئيس السيد محمد ولد عبد العزيز نتيجتين هامتين الأولى عودة الأمن والاستقرار إلى ربوع الوطن الحبيب أما الثانية فهي بناء جيش وطني مجهز وقادر على التصدي لجميع الأخطر التي قد تحدق بالوطن جيش في كنفه نعيش بفضل الله تبارك وتعالى في أمن وأمان واستقرار.
إن الرؤية الأمنية المتبصرة والإرادة القوية للرئيس السيد محمد ولد عبد العزيز هي التي دفعته إلى بلورة فكرة انشاء تجمع دول الساحل الخمس والقوة المشتركة للتجمع واقناع قادة دول المنطقة بالانخراط في هذا المشروع الأمني التنموي الواعد والذي شكل وجوده إضافة للتنسيق مع حلفاء دول الساحل سببا رئيسيا في انحسار تمدد الإرهابيين واستعادة الكثير من المناطق في الساحل الهدوء والأمن تدريجيا وخصوصا في مالي البلد المجاور لبلادنا، لكن وللأسف الشديد منذ مغادرة ولد عبد العزيز للسلطة تكالبت المصائب والأزمة على منطقة الساحل، لقد شكل غياب المنسق والرجل التوافقي الأول أزمة ثقة بين قادة دول الساحل وسبب في الصراع على موقعه الشاغر حيث لم يستطع خلفه ولد الغزواني ملء الفراغ فغاب التنسيق ولم تعد موريتانيا صاحبة القيادة والمبادرة في الساحل وتحول فشل النظام الجديد داخليا إلى فشل أخطر على المستوى الخارجي حيث تقوقع كل نظام على ذاته وبدأت بوادر الضعف تظهر هنا وهناك ما كانت نتيجته عملية اغتيال غامضة في التشاد وانقلابين ناجحين في كل من مالي وبوركينا فاسو وانقلاب فاشل في النيجر ونظام فاشل في موريتانيا، هذا هو حال دول الساحل اليوم بعد ثلاثة سنوات من التآمر على من كان له الفضل بعد الله تبارك وتعالي في استتباب الأمن فيها السيد محمد ولد عبد العزيز حيث تعيش على وقع توترات سياسية وعنف طائفي وقتل وتشريد وفساد وأزمات اقتصادية مستفحلة لا التنمية مؤمولة ولا حقوق الإنسان مصونة والشعوب التي كانت بالأمس ضحية للإرهاب أصبحت اليوم ضحية أنظمة حكم فاشلة.
خونه ولد إسلمو