Header Ads

اعلان

الأزمات تنتج غالباً هتلر وستالين.. وليس غاندي! الباحث والمفكر الفرنسي Paul Ariès



الأزمة التي تجتاح العالم اليوم بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد هي مؤشر استثنائي لنقاط ضعف كنا قد تناسيناها، بحسب الباحث والمفكر الفرنسي بول آرييه المعروف بكتاباته عن تباطؤ النمو الاقتصادي ومكافحة الاستهلاكية. وعلى خلاف الكثيرين، لا يبدو آرييه مقتنعا بأن العالم سيخرج من هذه الازمة بتغييرات جذرية. وعن الدرس الأول الذي يمكن استخلاصه من هذه الأزمة قال الباحث الفرنسي في مقابلة مع صحيفة «le temps» السويسرية، ان الأزمة المستجدة نبهتنا الى هشاشتنا الشديدة، وخلعت عنا بفظاظة وهم الحصانة التي كنا نعيشها، والتي جعلتنا نظن أننا فائقو القوة، موضحاً قصده حول فائقي القوة بأنه كان لدينا ملء الثقة بقدرة مجتمعاتنا على تجنب وباء بهذا الحجم في شبه معجزة، كما لو كنا نحن سادة العالم والطبيعة والفيروسات. لقد طبعت الأوبئة تاريخنا وستستمر في ذلك. واورد آرييه مثالاً بسيطاً على الاستسلام لوهم القدرة الكلية قائلاً: «كنا نظن أنه يمكننا الاستعانة بمصادر خارجية لإنتاج الأقنعة بشكل كامل، وأننا لسنا بحاجة إلى تخزين كميات منها. كان لدينا ايمان ساذج إلى حد ما برغبة وقدرة بقية العالم على تزويدنا بالأقنعة. ولكن من الآن وصاعداً علينا ان نعتمد على أنفسنا في هذا المجال». الهشاشة واللامساواة واضاف آرييه انه في السنوات الأخيرة خسرت الدول مثل فرنسا العديد من أسرّة المستشفيات لأسباب تتعلق بالميزانية. ولهذا فإن هذه الأزمة تذكر بنقاط ضعف وبهشاشة الدول. والهشاشة ليست ضعفا! الحضارة لا تكون عظيمة الا بقدرتها على إدارة هشاشتها، وبالاجابة على مسألة: ماذا نفعل بالأكثر هشاشة بيننا؟ موضحا انه يمكن رؤية ذلك بوضوح تام اليوم، فأكثر من يعاني من هذه الأزمة في البلدان المتقدمة هي الفئة الأكثر تهميشاً في المجتمع كالمشردين الذين يتألمون بشدة ليس فقط من الناحية الصحية. وعن معاناة الطبقة الوسطى أكثر من الأغنياء في هذه الازمة، قال آرييه انه مع تعميم التعليم في المنازل ظهرت الفجوة الرقمية بصورة واضحة، حيث كنا نعلم في السابق بأن العائلات لا تستطيع توفير كل الأدوات الضرورية في منازلها، ولكن مع هذه الازمة ظهر هذا الامر بصورته الفجة. وعن تعزيز كورونا اللامساواة بين البشر، اجاب الباحث الفرنسي انه خلال الأسبوع الماضي، وفي غضون بضع ساعات، سمعنا خبرين شديدي الدلالات في هذا الاتجاه، اولهما افراج الولايات المتحدة عن حزمة مساعدات مالية بقيمة 2000 مليار دولار لمواجهة العواقب الاقتصادية للفيروس. من جانبها، أطلقت الأمم المتحدة خطة استجابة إنسانية عالمية منسقة، بقيمة ملياري دولار، لمكافحته في بعض البلدان الأكثر ضعفا في العالم، في محاولة لحماية الملايين من الناس، وهذه الهوة الفاضحة بين الرقمين، حتى هذه الأزمة الاستنثنائية بنوع خاص، لا تدع مجالاً للشك باللامساواة الفاضحة. وقال آرييه انه ليس راضيا عن ضرب النظام الرأسمالي والعالمي، لأن الضرر البشري سيكون وسيبقى هائلاً. معربا عن أمله أن تشكل هذه الازمة فرصة لإجبار الدول على التفكير بشكل أفضل. فقد أتيحت الفرصة مثلاً لإعادة هيكلة المهن: الصحة والتعليم، وسواها... هذه وظائف أساسية قلّلنا من تقديرها. اكتشفنا خلال هذه الأزمة أننا بحاجة إلى موظفي صناديق (محاسبين) وجامعي قمامة ومعلمين أكثر من حاجتنا الى مستثمرين ونجوم ملاعب، وآمل أن تترافق عملية إعادة الاعتبار الى هذه المهن بتحسينات اجتماعية ورواتبية. الانعزال وكبش الفداء وعن الخطر الذي يتوقعه بعد هذه الازمة، حذّر آرييه من خطر الانغلاق ومحاولة البحث عن كبش فداء، عن مذنب. هذا من طبيعة البشر، مشيرا إلى كيفية تقاذف الصين والولايات المتحدة التهم بالتسبب بانتشار الوباء. وعن التضامن المحلي داخل الدول، قال آرييه انه موجود الى حد ما، ولكن في فرنسا، على سبيل المثال، لم يلق الباريسيون الذين غادروا مدنهم إلى الريف حفاوة في الاستقبال بل عوملوا كحاملين للعدوى. وتحدثت الكنيسة الكاثوليكية أيضا على لسان بعض أساقفتها عن غضب الله على العالم، انطلاقا من ادانتهم للشذوذ الجنسي أو الإجهاض. وعن أخذ العبر من هذه المرحلة، لفت آرييه إلى ان الحروب العالمية أو أزمة 1929 الاقتصادية العالمية لم تسهما بإعادة السحر الى العالم. معربا عن عدم يقينه من أننا سنتعلم شيئا. وقال:«ما بعد الأزمة، هل سنعيد ترتيب أولوياتنا؟ لست مقتنعا بذلك. نحن على طريق قمة، وكل الاحتمالات مفتوحة. ولكن غالباً ما تنتج الأزمات نماذج من شاكلة هتلر وستالين وليس من طراز غاندي». معربا عن أمل محدود في أن تكشف هذه الأزمة عن أنماط حياة جديدة وعادات جديدة. فكل شيء سيعتمد على ما يفعله الناس بهذه الأزمة ولا يمكن أن يكون هناك واقع أفضل من دون حدوث انقلاب. نظام جديد وعن قيام نظام جديد، يوضح الباحث الفرنسي أنه لا يؤمن بمجتمع قائم على النمو، ولكن من دون نمو. فالرأسمالية مثل الدراجة، إذا توقفت سقطت وهشمت وجهها. والحل هو بإعادة النظر في النظام، وليس بالعودة الى الوراء، وقد يكون من المفيد أن نستلهم أشكال الحياة قبل الرأسمالية. المساعدة المتبادلة بين الجيران وبين أفراد العائلة نفسها، إلخ. ايضاً، نكتشف أهمية الإنتاج الذاتي. المسارات عديدة بعضها تم نسيانه واحتقاره وإهماله. وعن رأيه بمقولة لاري فينك، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة «بلاك روك»، إحدى أكبر الشركات الاستثمارية في العالم، إن «العالم سيكون مختلفًا» بعد هذا الوباء، لأن الناس سيعيدون التفكير بشكل أساسي في طريقة عملهم وشرائهم وسفرهم ولقاءاتهم»، رأى آرييه ان القول ان عالم الغد سيكون مختلفًا عن عالم اليوم لا معنى له على الإطلاق، وان السؤال هو ما إذا كان سيكون أفضل أم أسوأ. مبديا اقتناعه بأنه طالما صناديق الاستثمار هي التي تقود العالم، فلا شيء يمكن أن يتغير، وبأنه يجب الاستماع إلى الناس العاديين او «ناس القلة» بحسب وصف الفيلسوف بيير سانسو.
ترجمة أنديرا مطر -القبس الالكتروني

يتم التشغيل بواسطة Blogger.